Ana səhifə

Skin and Cosmetic Drugs in the Qanunn Book of Avicenna Submitted by Abdul Nasser Kaadan, md, PhD


Yüklə 1.03 Mb.
səhifə1/3
tarix25.06.2016
ölçüsü1.03 Mb.
  1   2   3
Skin and Cosmetic Drugs in the Qanunn Book of Avicenna

Submitted by

Abdul Nasser Kaadan, MD, PhD*

** ph. Mohammed Nour Alsayyed Ali

الأدوية الجلدية ومستحضرات الزينة

في كتاب القانون في الطب لابن سينا


إعداد

الدكتور عبد الناصركعدان*


الدكتور محمد نور السيد علي **

المحتوى:

  • الباب الأول: الصيدلة في عصر ابن سينا:

الفصل الأول: التعريف بالمؤلف وكتابه القانون.

الفصل الثاني: التعريف بعلم الصيدلة والصناعة الصيدلانية.

الفصل الثالث: منهج ابن سينا في تصنيف الأدوية.

  • البــــاب الثـــاني: الأدوية الجلدية ومستحضرات التجميل:

  • المراهم.

  • الضمادات.

  • الطلاءات.

  • الأدهان.

  • اللطوخات.

  • المساحيق (ذرور).

  • غسولات الرأس.

  • الخضابات.

  • أدوية أخرى خاصة بالشعر

  • أدوية إزالة آثار القروح والجروح

  • أدوية الكلف والنمش

  • البـــــاب الثــــالـــث: فهرس أسماء النباتات وبعض المواد الدوائية الواردة في الوصفات الطبية.

  • ملخص البحث.

  • الحواشي والتعليقات.

  • المصادر والمراجع.

الفصل الأول: التعريف بالمؤلف والكتاب:

ابن سينا (370 - 428 هـ = 980 - 1037 م):

الحسين بن عبد الله الحسن بن علي ابن سينا أبو علي،1

جاء في وفيات الأعيان لابن خلكان قوله: ((هو الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا الحكيم المشهور؛ كان أبوه من أهل بلخ، وانتقل منها إلى بخارى، وكان من العمال الكفاة، وتولى العمل بقرية من ضياع بخارى يقال لها خرميثنا من أمهات قراها، وولد الرئيس أبو علي وكذلك أخوه بها، واسم أمه ستارة وهي من قرية يقال لها أفسنة بالقرب من خرميثنا.

ثم انتقلوا إلى بخارى، وتنقل الرئيس بعد ذلك في البلاد، واشتغل بالعلوم وحصل الفنون، ولما بلغ عشر سنين من عمره كان قد أتقن علم القرآن العزيز والأدب وحفظ أشياء من أصول الدين وحساب الهندسة والجبر والمقابلة، ثم توجه نحوهم الحكيم أبو عبد الله الناتلي، فأنزله أبو الرئيس أبي علي عنده، فابتدأ أبو علي يقرأ عليه كتاب إيساغوجي واحكم عليه علم المنطق وإقليدس والمجسطي وفاقه أضعافاً كثيرة، حتى أوضح له منها رموزاً وفهمه إشكالات لم يكن للناتلي يد بها، وكان مع ذلك يختلف في الفقه إلى إسماعيل الزاهد، يقرأ ويبحث ويناظر.

ولما توجه الناتلي نحو خوارزم شاه مأمون بن محمد اشتغل أبو علي بتحصيل العلوم كالطبيعي والإلهي وغير ذلك، ونظر في النصوص والشروح وفتح الله عليه أبواب العلوم، ثم رغب بعد ذلك في علم الطب وتأمل الكتب المصنفة فيه، وعالج تأدباً لا تكسباً، وعلمه حتى فاق فيه الأوائل والأواخر في أقل مدة وأصبح فيه عديم القرين فقيد المثل، واختلف إليه فضلاء هذا الفن وكبراؤه يقرؤون عليه أنواعه والمعالجات المقتبسة من التجربة، وسنه إذ ذاك نحو ست عشرة سنة. وفي مدة اشتغاله لم ينم ليلة واحدة بكمالها ولا اشتغل في النهار بسوى المطالعة، وكان إذا أشكلت عليه مسألة توضأ وقصد المسجد الجامع، وصلى ودعا الله عز وجل أن يسهلها عليه ويفتح مغلقها له.

وذكر عند الأمير نوح بن نصر الساماني صاحب خراسان في مرض مرضه فأحضره وعالجه حتى برئن واتصل به وقرب منه، ودخل إلى دار كتبه وكانت عديمة المثل، فيها من كل فن من الكتب المشهورة بأيدي الناس وغيرها مما لا يوجد في سواها ولا سمع باسمه فضلاً عن معرفته، فظفر أبو علي فيها يكتب من علم الأوائل وغيرها وحصل نخب فوائدها واطلع على أكثر علومها، واتفق بعد ذلك احتراق تلك الخزانة، فتنفرد أبو علي بما حصله من علومها، وكان يقال: إن أبا علي توصل إلى إحراقها لينفرد بمعرفة ما حصله منها وينسبه إلى نفسه.

ولم يستكمل ثماني عشرة سنة من عمره إلا وقد فرغ من تحصيل العلوم بأسرها التي عاناها، وتوفي أبوه وسن أبي علي اثنتان وعشرون سنة، وكان يتصرف هو ووالده في الأحوال ويتقلدان للسلطان الأعمال.

ولما اضطربت أمور الدولة السامانية خرج أبو علي من بخارى إلى كركانج، وهي قصبة خوارزم، واختلف إلى خوارزم شاه علي بن مأمون بن محمد، وكان أبو علي على زي الفقهاء ويلبس الطيلسان، فقرروا له في كل شهر ما يقوم به، ثم انتقل إلى نسا وأبيورد وطوس وغيرها من البلاد، وكان يقصد حضرة الأمير شمس المعالي قابوس بن وشمكير في أثناء هذه الحال، فلما أخذ قابوس وحبس في بعض القلاع حتى مات-كما سيأتي شرحه في ترجمته في حرف القاف من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى-ذهب أبو علي إلى دهستان ومرض بها مرضاً صعباً، وعاد إلى جرجان، وصنف بها الكتاب الأوسط-ولهذا يقال له "الأوسط الجرجاني"-واتصل به الفقيه أبو عبيد الجوزجاني، واسمه عبد الواحد، ثم انتقل إلى الري واتصل بالدولة، ثم إلى قزوين ثم إلى همذان، وتولى الوزارة لشمس الدولة، ثم تشوش العسكر عليه، فأغاروا على داره ونهبوها وقبضوا عليه وسألوا شمس الدولة قتله فامتنع، ثم أطلق فتوارى، ثم مرض شمس الدولة بالقولنج فأحضره لمداواته واعتذر إليه وأعاده وزيراً، ثم مات شمس الدولة وتولى تاج الدولة فلم يستوزره، فتوجه إلى أصبهان وبها علاء الدولة أبو جعفر ابن كاكويه، فأحسن إليه.

وكان أبو علي قوي المزاج، وتغلب عليه قوة الجماع حتى أنهكته ملازمته وأضعفته ولم يكن يداوي مزاجه، وعرض له قولنج، فحقن نفسه في يوم واحد ثماني مرات فقرح بعض أمعائه وظهر له سحج، واتفق سفره مع علاء الدولة، فحصل له الصرع الحادث عقيب القولنج، فأمر باتخاذ دانقين من كرفس في جملة ما يحقن به، فجعل الطبيب الذي يعالجه فيه خمسة دراهم منه، فازداد السحج به من حدة الكرفس فطرح بعض غلمانه في بعض أدويته شيئاً كبيراً من الأفيون، وكان سببه أن غلمانه خانوه في شيء، فخافوا عاقبة أمره عند برئه؛ وكان مذ حصل له الألم يتحامل ويجلس مرة بعد أخرى ولا يحتمي ويجامع، فكان يمرض أسبوعاً ويصلح أسبوعاً، ثم قصد علاء الدولة همذان من أصبهان ومعه الرئيس أبو علي، فحصل له القولنج في الطريق ووصل إلى همذان وقد ضعف جداً وأشرفت قوته على السقوط، فأهمل المداواة وقال: المدبر الذي في بدني قد عجز عن تدبيره فلا تنفعني المعالجة، ثم اغتسل وتاب وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم على من عرفه وأعتق مماليكه وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة.2

صنف نحو مئة كتاب، بين مطول ومختصر. أشهر كتبه (القانون - ط) في الطب، يسميه علماء الفرنج (Canon medicina) بقي معمولاً عليه في علم الطب ستة قرون، وترجمه الفرنج إلى لغاتهم، وكانوا يتعلمونه في مدارسهم، وطبعوه بالعربية في روما, وهم يسمون ابن سينا Avicenna وله عندهم مكانة رفيعة.

من تصانيفه (المعاد - خ) ، و ( الشفاء - ط) ، و (السياسة) و (أسرار الحكمة المشرقية - ط), (المنطق - ط) ورسالة (حي بن يقظان - ط) ، و (أسباب حدوث الحروف - ط) ، و (الإشارات - ط) و (الطير) في الفلسفة، و (أسرار الصلاة - ط) ، و (لسان العرب) ، و (الإنصاف - خ) في الحكمة، و (النبات والحيوان - خ) ، ورسالة في (الهيئة - خ) و (أسباب الرعد والبرق - خ) ، و (الدستور الطبي - خ) ، و (أقسام العلوم - خ) ، و (الخطب - خ) ، و (العشق - ط) رسالة في فلسفته.3

وكتابه "القانون في الطب" يضم خمسة كتب:



  • الكتاب الأول

يبحث في تعريف الطب ويشرح أغراضه، كما يتكلم فيه عن الأمزجة والأخلاط وتشريح الجسم ووظائف الأعضاء. وقد ورد فيه ذكر لبعض الأمراض وأسبابها وعلاجها

  • الكتاب الثاني

وهو خاص بعلم العقاقير، أو الأدوية المفردة، ويحتوي عددا كبيرا من النباتات الطبية أكثرها فارسي المنشأ، وبعضها من أصل يوناني أو هندي أو صيني أو عربي

  • الكتاب الثالث

تكلم فيه عن الأمراض التي تصيب أعضاء الجسم المختلفة، وذكر أسبابها وأعراضها وعلاجها وأحيانا إنذارها

  • الكتاب الرابع

تحدث فيه عن عدة مواضيع، كالكسور والخلوع وبعض الحمات كالحصبة والجدري، وتحدث في القسم الأخير من هذا الجزء عن السموم ومضاداتها .

  • الكتاب الخامس

تحدث فيه عن الأدوية المركبة أو ما كان يعرف بالأقرباذين. وقد ورد في هذا الجزء ذكر لتحضير ما ينوف عن ثمانمائة دواء مركب. في الكتاب الرابع خصص ابن سينا أربع مقالات للحديث عن الزينة وأدويتها. فالمقالة الأولى تشمل أحوال الشعر والحزاز، في حين تحدث ابن سينا في المقالة الثانية عن أحوال الجلد من جهة اللون، أما المقالة الثالثة فتتعرض لأمراض الجلد المختلفة وعلاجاتها. المقالة الرابعة تتحدث عن أدوية الزينة المستخدمة في سائر البدن والأطراف

الفصل الثاني: التعريف بعلم الصيدلة والصناعة الصيدلانية4

الصيدلة علم يبحث في العقاقير وخصائصها وتركيب الأدوية وما يتعلق بها، ويتصل اتصالاً وثيقًا بعلمي النبات والحيوان؛ إذ إن معظم الأدوية ذات أصل نباتي أو حيواني، كما يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعلم الكيمياء؛ لأن الأدوية تحتاج إلى معالجة ودراية بالمعادلات والقوانين الكيميائية.

كانت الصيدلة في بادئ الأمر غير مستقلة عن الطب في كل أنحاء العالم المعروف آنذاك. وكان الدواء ينتقل من يدي الطبيب إلى فم المريض مباشرة، وللطبيب أعوان يساعدونه على جمع الأعشاب، ثم يتولى بنفسه صنع الدواء وتركيبه وقبض ثمنه من المريض، وكان في ذلك حط لقدر الطبيب. وهنا انقسمت مهنة الطب إلى قسمين : تشخيصي وعلاجي؛ أي نظري وعملي، ومن ثم انفصلت صناعة الطب عن صناعة العقاقير واستقل كل منهما بذاته. وكان الرازي أول من قال باستقلال الصيدلة عن الطب، كما رأى أن جهل الطبيب بمعرفة العقاقير لا يحول دون ممارسته الطب. ويبدو ذلك جلياً في معرض حديثه عن امتحان الطبيب: “أما امتحانه بمعرفة العقاقير فأرى أنها محنة اختبار ضعيفة، وذلك أن هذه الصناعة هي بالصيدناني أولى منها بالطبيب المعالج، إلا أن تقصير معرفته بالكثير الاستعمال منها يدل على قلة علمه ومزاولته ودربته… ويمكن أن يكون طبيبًا فاضلاً مقصرًا عن كثير من خلال العقاقير”.



بعد أن انفصلت الصيدلة عن الطب، ارتفع مستوى العقاقير، وأنشئت حوانيت (عطارات) لبيعها وتصريفها، وأنشئت مدارس لتعليم صناعة تركيب الأدوية، ثم توسعت هذه العطارات وتحسنت، مما تمخض عن فتح أول صيدلية في التاريخ في بغداد عام 621هـ، 1224م. وألّف العرب في هذا العلم ما أطلقوا عليه اسم الأقرباذين؛ أي الدستور المتبع في تحضير الأدوية. ولعل من أهم مآثر المسلمين في تلك الحقبة ـ في مجال الصيدلة ـ أنهم أدخلوا نظام الحسبة ومراقبة الأدوية. ونقلوا المهنة من تجارة حرة يعمل فيها من يشاء، إلى مهنة خاضعة لمراقبة الدولة. وكان ذلك في عهد المأمون، وقد دعاه إلى ذلك أن بعضًا من مزاولي مهنة الصيدلة كانوا غير أمينين ومدلّسين، ومنهم من ادّعى أن لديه كل الأدوية، ويعطون للمرضى أدوية كيفما اتفق؛ نظرًا لجهل المريض بأنواع الدواء. لذا أمر المأمون بعقد امتحان أمانة الصيادلة، ثم أمر المعتصم من بعده (221هـ، 835م) أن يمنح الصيدلاني الذي تثبت أمانته وحذقه شهادة تجيز له العمل، وبذا دخلت الصيدلة تحت النظام الشامل للحسبة، ومن العرب انتقل هذا النظام إلى أنحاء أوروبا في عهد فريدريك الثاني (607 ـ 648هـ، 1210 ـ 1250م)، ولا تزال كلمة مُحْتَسِب مستخدمة في الأسبانية بلفظها العربي حتى الوقت الراهن. وعقب الفصل بين مهنتي الطب والصيدلة، ارتقت كلتا المهنتين؛ إذ تفرغ الطبيب إلى التشخيص والبحث، وتفرغ الصيدلاني إلى تجويد عمله عن طريق البحث، ووُضع للصيادلة دستور يسيرون عليه ويلتزمونه، وينص هذا الدستور فيما ينص ـ على التمييز بين علم الطب وعلم الصيدلة، فحظر على الصيدلي التدخل في أمور الطب، كما حظر على الطبيب امتلاك صيدلية أو أن يفيد من بيع العقاقير، وبذا لا تحق ممارسة مهنة الصيدلة إلا لحامل ترخيص رسمي، ولا يحق ذلك أيضًا إلا لمن أدرجت أسماؤهم في جدول الصيادلة. وكان يناط بمفتش رسمي في كل مدينة الإشراف على الصيادلة وكيفية تحضير العقاقير. يسَّر هذا الدستور للصيدلة أن ترتقي بوضوح علمًا قائمًا بذاته، مما جعل الصيادلة ينتقلون إلى مملكة النبات التي وجدوا فيها مجالاً خصبًا للعمل؛ فزرعت النباتات الطبية بشكل منتظم وفق شروط خاصة في مزارع خاصة رعاها الحكام، وجلبوا لها البذور اللازمة من كل مكان يطلبه الصيادلة، وذلك ما فعله عبد الرحمن الأول في قرطبة. ووفق تنظيم مهنة الصيدلة، أصبح في كل مدينة كبيرة عميد للصيادلة يقوم بامتحانهم كابن البيطار في القاهرة. كما فرض الدستور الجديد على الأطباء أن يكتبوا ما يصفون من أدوية للمريض على ورقة سمّاها أهل الشام الدستور وأهل المغرب النسخة وأهل العراق الوصفة.

  • الصيدلة العربية.

كان الصيادلة يستوردون العقاقير النباتية من الهند، فضلاً عن استيرادهم الأدوية ذات الأصل النباتي أو الحيواني من البلدان التي تتوافر فيها. ولكن عقب فصل مهنة الطب عن مهنة الصيدلة توصّل الصيادلة المسلمون إلى صنع هذه العقاقير بأنفسهم، ثم اكتشفوا عقاقير أخرى ذات خصائص علاجيّة لم تكن معروفة من قبل. واهتدوا إلى طريقة غلَّفوا بها بعض الأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم، وبذا كفوا المرضى معاناة مرارة طعمها ونكهتها غير المستساغة. ثم توصلوا إلى تحضير المبنج الذي يزيل الآلام أو يخففها، كما حضروا الترياق المقاوم للسموم. وبالجملة فقد قدّم الصيادلة العرب للعالم أساسًا متينًا وأصيلاً لعلم الصيدلة.

  • تأصيل الصيدلة العربية:

برع الأطباء في بادئ الأمر في تحضير الدواء حسب نسب ومقادير محددة. ولما اقتصر أمر إعداد الدواء وتركيبه على الصيادلة، حذقوا هذا الفن وارتقوا به كثيرًا. فاستخدموا موازين دقيقة لخلط هذه النسب. ولم يكن هذا الأمر سهلاً في بادئ الأمر خاصة في تحضير الأدوية ذات المصدر الأجنبي؛ إذ إن كل بلد كانت له أوزانه ومكاييله. وكانت أهم مصادر علم الصيدلة عند العرب ـ قبل أن تستقر عندهم علمًا أصيلاً ـ كُتب الهند وفارس؛ فقد عُرف عن الهنود، حتى وقتنا الحاضر، إلمامهم العميق بالأعشاب، وبراعتهم في استخراج خواصها ومعرفة آثارها في الأبدان. ولما كان المبدأ العام في كل الأمور الدنيوية هو الحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها؛ فقد تلقّف العرب كل ما وصل إلى أيديهم من علم الحشائش والعقاقير. كذلك أخذوا عن اليونان ما استطاعوا، إلا أن ذلك كان في وقت مبكر نسبيًا؛ أي مع بدايات أخذ الدولة الإسلامية بأسباب العلم والحضارة. واعتنوا من بين كل الكتب اليونانية بكتاب المادة الطبية في الحشائش والأدوية المفردة الذي وضعه ديسقوريدس العين زربي (80م) وكتابه هو “المادة الطبية Materia Medica“، وترجموه عدة مرات أشهرها اثنتان: ترجمة حنين بن إسحاق في بغداد، وترجمة أبي عبداللهلله الصقلّي في قرطبة. وفي وقت لاحق قام الصيادلة المسلمون ـ بفضل خبرتهم وممارستهم ـ بالزيادة على هذا الكتاب واستدراك ما فات ديسقوريدس، ومن ثم بدأ التأليف والتصنيف بغزارة في الصيدلة وعلم النبات، ومن ذلك معجم النبات لأبي حنيفة الدينوري (282هـ، 895م)، والفلاحة النبطية لابن وحشية (318هـ، 930م) والفلاحة الأندلسية لابن العوام الأشبيلي، فقد استفاد المصنفون في علم الأدوية كثيرًا من هذه الكتب وأمثالها. وكان لابد ـ تبعًا لهذا التطور الذي شهدته صناعة الدواء ـ أن تطرأ تعديلات تؤصِّل هذه الصناعة، وتمكّن من الاستفادة من العقاقير المحلية باستبدالها بما كان يستورد، وتبسط أعمال الصيدلة، وتضع معيارًا للجودة النوعية تكتشف من خلاله الأدوية المغشوشة، والعمل على توحيد الأوزان والمكاييل لتتماشى مع نظام المقاييس الموجود والاستغناء عن المقاييس المستوردة غير الموحدة.

  • الاستبدال والتبسيط:

لما نقل العرب أسماء الأدوية المفردة (النباتية) من كتب اليونان والهند وفارس، لم يستطيعوا التعرف على كثير منها، وحتى تلك التي تعرفوا عليها لم يقفوا على خصائصها، لذا لم يكن هناك بد من الاستعاضة عنها ببديل محلي. فلجأوا منذ وقت مبكر إلى التأليف فيما سموه أبدال الأدوية، ووضعوا مصنفات خاصة بتلك التي لم يشر إليها ديسقوريدس وجالينوس وغيرهما، واستفادوا في هذا الشأن من العقاقير الهندية والفارسية. إلا أن الحاجة للبديل المحلي كانت ضرورة اقتصادية وانتمائية، عبّر عنها البيروني في عتابه للصيادلة بقوله : “لو كان منهم ديسقوريدس في نواحينا لصرف جهده على التعرف على ما في جبالنا وبوادينا، ولكانت تصير حشائشها كلها أدوية…”. واستجابة لمثل هذه الحميّة جرت بعض محاولات للاستفادة من الأعشاب المحلية؛ كان من بينها في بادئ الأمر تصنيف ما يشبه المعاجم على هيئة جداول تحتوي على أسماء النباتات المختلفة باللغات العربية واليونانية والسريانية والفارسية والبربرية بشرح أسماء الأدوية المفردة. ومن المحاولات التطبيقية في هذا المجال ما قام به رشيد الدين الصوري الذي كان يخرج إلى المواضع التي بها النباتات يرافقه رسام، فيشاهد النبات ويسجله ثم يريه للرسام في المرة الأولى وهو في طور الإنبات أو لا يزال غضًا، ثم يريه إياه في المرة الثانية بعد اكتماله وظهور بذره، وفي الثالثة بعد نضجه ويبسه، ويقوم الرسام بتصويره في جميع هذه الأطوار. وغني عن القول أن الصيادلة المسلمين بعد أن ترقوا في هذه الصناعة قاموا بالاستغناء عن كثير من العقاقير التي تستخلص من أجزاء حيوانية لاسيما المحرّمة منها أو المكروهة.

كانت الوصفات التي حصل عليها أكثر المصنفين المسلمين من البلدان المفتوحة معقدة، إما أصلاً، أو كان واصفوها يتعمدون التفنن في تعقيدها سواء فيما يتعلق بعدد العقاقير التي تتركب منها، أو شروط جنيها أو إعدادها أو الزمن اللازم انقضاؤه قبل استخدام التركيبة الجديدة. من أجل هذا توصل الصيادلة المسلمون إلى وضع صيغ معدلة للأدوية المعقدة الشهيرة، وبذا اختفت مع مرور الزمن الأعداد الكبيرة من الأدوية معقدة التركيب، وازداد عدد الأدوية البسيطة خاصة الأشربة والأدوية الغذائية والمسهلات وأدوية تخفيض الوزن والزينة وما إليها.

ونجد الصيدلاني عند البيروني : هو المحترف جمع الأدوية أفضل صورها ، واختبار الأجود من أنواعها مفردة ومركبة على أفضل التراكيب التي خلدها له مبرزو أهل الطب.


  • تحضير العقاقير:5

استخدم الصيادلة المسلمون في عمليات تحضير العقاقير وتركيبها طرقًا مبتكرة؛ ظل بعضها معمولاً به حتى الوقت الحاضر من حيث المبدأ. فنجد أن الرازي استخدم

  1. التقطير؛ لفصل السوائل

  2. الملغمة؛ لمزج الزئبق بالمعادن الأخرى

  3. التنقية؛ لإزالة الشوائب

  4. التسامي؛ لتحويل المواد الصلبة إلى بخار ثم إلى حالة الصلابة ثانية دون المرور بحالة السيولة،

  5. التصعيد؛ لتكثيف المواد المتصاعدة،

  6. التشوية؛ لتحضير بعض المعادن من خاماتها،

  7. التشميع؛ لصهر بعض المواد بإضافة مواد أخرى إليها،

  8. التكليس؛ لإزالة ماء التبلُّر وتحويل المواد المتبلرة إلى مساحيق غير متبلرة،

  9. التبلر؛ لفصل بلورات المواد المذابة،

  10. الترشيح؛ لفصل الشوائب والحصول على محلول نقي. وسوف تأتي على هذه العمليات بشيء من التفصيل عند حديثنا عن العمليات الكيميائية التي استخدمها العرب في تحضير المواد.

أما علي بن عباس المجوسي فقد أبان القوانين التي ينبغي حذقها للوصول إلى الأوزان الصحيحة للأدوية المفردة الداخلة في تركيب الأدوية المركبة، ووضح أن مقادير هذه الأدوية تكون كالتالي : يُؤخذ منه مقدار كبير إذا كان متعدد المنافع. وتؤخذ منه كميات أقل إذا كان في استعماله بعض الضرر، وكذلك إذا دخلت في الدواء المركب عدة عقاقير لها نفس التأثير.

وعلى الصيدلاني قبل سكب الدواء المفرد اتباع الخطوات التالية:



  1. يحسن اختبار الدواء المفرد

  2. يسحقه وينخله

  3. يعالج الصموغ

  4. ينتخب العسل ويفحصه

  5. يقوم بحرق ما لابد من حرقه فيما يختص ببعض المركبات المعدنية والحيوانية

  6. يأخذ مقادير العسل بمقادير متناسبة مع الأدوية المدقوقة لصنع المعاجين الدوائية، ويضيف الصموغ المحلولة ويخفقها حتى تستوي ثم تحفظ التركيبة في إناء من الفضة أو الخزف الصيني دون أن يحكم غلقه، حتى يتمكن الدواء من التنفس

  7. لعمل الأقراص يمزج الدواء المسحوق مع الماء أو الشراب في الهون (المدق) ويدق دقًا جيدًا حتى ينعم ويستوي ومن ثم تقرَّص الكتلة التي عجنت ثم تجفف في الظل.

ذكر ابن سينا في تحضير الأدوية المفردة أربع طرق:

  1. الطبخ؛ ويكون على درجات: الطبخ العنيف كأصل الكبر والزرواند والزرنباد. والطبخ المعتدل كالأدوية المدرة للبول. والطبخ الهادئ مثل الأفتيمون الذي إذا زيدت درجة طبخه تحللت قوته.

  2. السحق؛ وهناك من الأدوية ما يفسد السحق الشديد قوتها كالسقمونيا، وأكثر الصموغ لها هذه الخاصية، وتحليلها بالرطوبة أوفق. ومن هذه الأدوية ما ينقلب تأثيرها الدوائي أو يتغير عند الإفراط في السحق، كالدواء الكموني الذي ينقلب تأثيره من مسهل إلى مدر للبول.

  3. الحرق؛ وتحضر بعض الأدوية بحرق الدواء لتحقيق واحد من خمسة أهداف: لكسر حدته؛ مثل الزاج أو لإكسابه حدة؛ مثل النورة، أو لتخفيفه؛ مثل قرون الأيل، أو لتهيئته للسحق؛ مثل الإبريسم، أو لإبطال رداءة في جوهره؛ مثل العقرب.

  4. الغسل؛ والهدف منه إما إزالة الخاصة المحرقة فيه؛ كالنورة، أو تصغير أجزائه وصقلها كالتوتياء، أو استبعاد قوة غير مرغوب فيها كالحجر الأرمني. وقد مزج ابن سينا وصيادلة آخرون الأدوية بالعسل تارة وبالسكر والعصير تارة أخرى ليصبح طعمها مستساغًا، وكثيرًا ما جعلوها على هيئة أقراص وغلّفوها لإخفاء رائحتها. وكان ابن سينا أول من استعمل طريقة تغليف الحبوب بالذهب والفضة. كما أن الزهراوي كان أول من حضر الأقراص بالكبس في قوالب خاصة.



  • الأسس العلمية لممارسة الصيدلة:

لها سبعة شروط تُعد دستوراً للاختيار العلمي.

  • الشرط الأول : أن يكون الدواء خالياً كيفية مكتسبة إما حرارة عارضة أو برودة عارضة أو كيفية عرضت له باستحالة في جوهره, والغرض من هذه الشروط هو أن يضمن فعلاً معلوماً خالياً من التأثيرات العارضة.

  • الشرط الثاني : أن يكون المجرب عليه علة مفردة. هذا الشرط يستلزم أن يجرب الدواء في علة مفردة

  • الشرط الثالث : أن يكون الدواء قد جرب على العلل المتضادة حتى أن كان ينفع منها جميعاً لم يحكمه أنه مضاد المزاج لمزاج أحدهما.

  • الشرط الرابع : أن تكون القوة في الدواء مقابلاً بها ما يساويها من قوة العليل. "أن تكون قوة الدواء موازية لقوة المرض الذي يداوى به".

  • الشرط الخامس : مراعاة الزمان الذي يظهر فيه تأثير الدواء ربما كان لأحد الأدوية أثران؛ وكان أحدهما بعد الآخر.

  • الشرط السادس : أن يرى استمرار فعل الدواء على الدوام أو على الأكثر (إعادة التجربة لتصح المشاهدة) ومقدار دوامها.

  • الشرط السابع : بأن تكون التجربة على بدن الإنسان. ابن سينا : "أن مزاج الإنسان لا يكون إلا للإنسان".

الفصل الثالث: منهج ابن سينا في تصنيف الأدوية

من خلال مطالعتنا لكتاب القانون نجد أن ابن سينا قد فصّل في تقسيم الأدوية حسب: تركيبها ومصدرها وتأثيرها على الجسم وصفاتها وطبائعها وأفضل الطرق والأوقات لجمعها وطرق تخزينها وتحضيرها وقد أفرد لذلك فصولاً عدة:


          1. من حيث التركيب:

قسم ابن سينا الأدوية من حيث التركيب إلى نوعين رئيسين وهما:

  • الأدوية المفردة:

خصص لها كتاباً كاملاً وهو الكتاب الثاني حيث شرح بالتفصيل أمزجة الأدوية المفردة وخواصها وصفاتها. فمثلا قال "والطِيْب أكثره حار إلا ما يصحبه تندية وتسكين من الروح والنفس كالكافور والنيلوفر فإن أجسامها لا تخلو عن جوهر مبرد"6

  • الأدوية المركبة أو ما يسمى بالأقراباذين:

حيث خصص الكتاب الخامس لتفصيل وشرح جميع طرق تحضير الأدوية المركبة وأفضل طرق إعطائها للمريض, وينوه إلى أهمية الدواء المركب بقوله: "الحاجة إلى الأدوية المركبة إنه قد لا نجد في كل علّة خصوصاً المركبة دواء مقابلاً لها من المفردات ولو وجدنا لما آثرنا عليه بل ربما لم نجد مركّباً نقابل به مركّباً أو نجده إلا أنا نحتاج إلى قوة زائدة في أحد بسيطيه فنحتاج إلى أن نضيف إليه بسيطاً يقوي قوته"7

ومن أشكال الأدوية المركبة التي ذكرها: المراهم, السعوطات, الشرابات, الشيافات, الفرزجات, السكنجبينات.... وسنشرحها بالتفصيل لاحقاً.



          1. من حيث المصدر:

قسم ابن سينا الأدوية المفردة إلى ثلاث مجموعات حسب مصدرها:

  • الأدوية النباتية: مثل الخردل والشعير والأفيون, حيث قال "فمنها أوراق ومنها بزور ومنها أصول وقضبان ومنها زهر ومنها ثمار ومنا جملة النبات كما هو"8 وتحدث ابن سينا بالتفصيل عن طرق جمع هذه المواد وأوقاتها:9

  • البذور: يجب أن تلتقط بعد أن يستحكم جرمها وتنتفي عنها الفجاجة والمائية.

  • الأصول: يجب أن تؤخذ لما تريد أن تسقط الأوراق

  • القضبان: يجب أن تجنى وقد أدركت ولم تأخذ في الذبول والتشنج

  • الزهر: يجب أن يجنى بعد التفتيح التام وقبل التذبل والسقوط

  • الثمار يجب أن تجنى بعد تمام إدراكها وقبل استعدادها للسقوط

  • الأدوية الحيوانية:

مثل اللبن والطحال والقرون, يقول: "وأما الحيوانيات فيجب أن تؤخذ من الحيوانات الشابة في زمان الربيع ويختار أصحها أجساماً وأتمها أعضاء وأن ينزع منها ما ينزع بعد ذكاة ولا تلتفت إلى المأخوذ من الحيوانات الميّتة بأمراض تحدث لها"10

  • الأدوية المعدنية:

مثل الرصاص والنحاس والكبريت, يقول " أن تكون نقية عن الخلط الغريب بل يجب أن يكون الملتقط هو الجوهر الصرف من بابه غير منكسر في لونه وطعمه الذي يخصّه"11

          1. من حيث التأثير:

تتباين الأدوية من حيث تأثيرها على الجسم وقد أورد ابن سينا جلّ هذه التأثيرات فقال:

"يقال دواء مسخّن, ملطّف, محلل, حادّ, مخشن, مفتح, مرخ, منضج, جاذب, مقطع, هاضم, كاسر الرياح, محضر, محكّك, مقرح, أكال, محرق, لاذع, مفتت, معفن, كاوٍ, مقشر؛ وطبقة أخرى مبرّد, مقو, رادع, مغلظ, مفجع, مخدر؛ وطبقة أخرى مرطب, منفتح, غسال, موسّخ للقروح, مزلق, مملس؛ وطبقة أخرى مجفف, عاصر, قابض, مسدد, مدمل, منبت للحم, خاتم, وجنس آخر من صفات الأدوية بحسب أفعالها قاتل, سم, ترياق, بادزهر, وأيضاً مسهل, مدر, معرق"12


  1   2   3


Verilənlər bazası müəlliflik hüququ ilə müdafiə olunur ©atelim.com 2016
rəhbərliyinə müraciət